الملايين يزحفون نحو كربلاء في أكبر مارثون عالمي ..من جنوب ووسط العراق الزميلين: بهـاء الموسـوي ومنتظر العاقولي
خاص للارشيف العراقي
في منظر قد لا تجده في أي بقة في العالم . . في أكبر مارثون عالمي . . ملايين من البشر يسيرون على أقدامهم قاصدين الحسين في كربلاء يقطعون مئات الكيلومترات متوجهين إليه غير أبهين بما قد يحصل لهم من تعب ومشقة وعناء الطريق أو انتحاري هنا أو مفخخة هناك. . شعارهم حبنا للحسين وعشقنا له قد أصابنا بالجنون . . من البصرة الى كربلاء حيث الطريق الذي سلكنا، تجـد ان المواكب الحسينية منتشرة وبكثافة على طول الطريق الذي يمر عبر عدة محافظات جنوبية . توفر هذه المواكب كل الخدمات للزائرين والسائرين الذين يحملون الرايات والأعلام. على طول الطرق المؤدية الى كربلاء من أقصى بقعة في جنوب العراق. ما يلفت النظر أن ما يقرب من نصف هؤلاء الزائرين هم من النساء والأطفال قاصدين الحسين (ع). سوف تصاب بالذهول لما يقدمه أصحاب المواكب الحسينية المتراصة على الطريق من أكل وشراب ومنام وحتى عناية طبية وفوق ذلك يقومون بتدليك أقدام الزائرين .. يتوسل بك أصحاب هذه المواكب أو أصحاب البيوت القريبة للجلوس عندهم وتناول الطعام مرحبين بك أجمل ترحيب ، يسعون لخدمتك يدعوك للمبيت عندهم .. يفتحون بيوتهم للزائرين يطعموك من زادهم . . يسهرون على راحتك . لا يريدون سوى التشرف بخدمة زوار الحسين هكذا يقولون . . قصص وحكايات تسمعها من الزوار والسائرين على الأقدام تدعوك للتأمل وتثير فيك الذهول . . هل يوجد في مثل ذلك في عوالم أخرى ؟ يقفون على قارعة الطريق يتمنون أن تأكل عندهم أو تشرب أو تستريح من مشقة وعناء الطريق وسط أجواء متقلبة حيث الشمس وأحيانا البرد والكثير من العواصف الرملية. حيث يتجلى الكرم العراقي هنا بأروع صوره.
سألنا الزائرين والسائرين نحو كربلاء لماذا السير على الاقدام نحو الحسين في ضل توفر وسائط أخرى لزيارته؟ يردون عليك إننا نعلن تضامننا مع سبايا الحسين الذين ساروا من كربلاء الى الشام بعد مقتله وتضامنا ً مع أخته زينب (ع) حين سارت ليلا ونهارا ً حتى وصلت مجلس قاتله يزيد بن معاوية. حتى نشعر باننا وقفنا معها ونعلن ولائنا للحسين وأهل بيته.
حيث ذهبنا الى موكب السبطين الموجود في منطقة ال عبيد في الصوب الصغير في مدينة السماوة الذي يستقبل الالف بل الملايين من الزوار الذين يقصدون زيارة الاربعين، وتحدث لي احد المؤسسين للموكب المسمى ابو ياسر وقال" نحن نخدم الزوار وان شاء الامر لفديناهم ارواحنا لانهم ذاهبون الى زيارة ابا الاحرار الامام الحسين روحي له الفداء وجميع من في الموكب في خدمة زوار الحسين (ع) لانه اعطى لله كل شي حتى قدم نفسه واستشهد من اجل العقيدة ومن اجل المسلمين ومن اجل اعلاء كلمة الحق فكيف لا نعطي لزائريه كل شي ونحن كلنا خدم وان شاء الله مخلصون للحسين، ونتمنى ان نستشهد في سبيله وشعارنا ( للموت انحبك يحسين ) ونفديه بالمال والبنون وبهذه اللحظة بكى امامنا وقال: استذكرت شعر للحسين (ع)
لئـن كانــــــــت الدنيـا تعـد نفيســة
فـدار ثـــــــــواب الله أعـلى وأنبــلُ
وإن كانـت الأبــدان للموت أُنشـئت
فقتل امرءٍ بالســـيف في الله أفضـل
وإن كانـت الأرزاق شــــيـئاً مقـدراً
فقلّة سـعي المرء في الرزق أجــمل
وإن كانت الأمـوال للتـرك جمعـــها
فـما بال متـروك به المـرءُ يبخــــلُ
هذه هي العقيدة وهذا هو الولاء وهذا هو مبدأ الحسين ولينظر العالم الى انصاره ومحبيه وكلهم مستعدين للتضحية من اجله ومن اجل اهل البيت (ع) وستبقى مسيرة الاربعين شرارة تتوهج بوجه التكفيريين الذين قتلو الحسين(ع) في الماضي وضنوا ان ذكره وذكر اهل بيته انجلى لكنهم لا يعلمون ان الحسين في قلوبنا وفي انفسنا وفي عقيدتنا، وضنوا ان عابساً واحد قد قتل وانتهى ولا يعلمون ان هذه المجاميع المليونية كلها عابس ومستعدين ان يضحوا بكل شي من اجل هذه العقيدة ومن اجل حب الحسين وحب ال بيت الحسين(ع) لان حب الحسين يتجدد في كل يوم ولا يمحى وان احياء ذكرى سيد الشهداء(ع) هي اعادة لصياغة الحياة الحسينية التي نبراسها الثقافة الحسينية التي تمثل منارا مشرقا لحياة البشرية على هذه المعمورة، انها احياء ذكرى امام الاحرار في العالم ابي عبد الله الحسين(ع) رمز التضحيات الكبرى ورمز مقارعة الحق مع الباطل، وما اسفرت عنه هذه المواجهة غير المتكافئة من ناحية العدة والعدد عن انتصار الحق واندحار الباطل وآثار هذا الانتصار واضحة في كل زمان ومكان وخاصة في شهري محرم الحرام وصفر متمثلا بمهرجان البيعة الكبير في يوم عاشوراء والاربعينية المباركة، فهذا هو اسم الامام الحسين(ع) يطبق اطراف الدنيا وهذا هو علمه الخفاق يرفرف في كل بقعة وهذا هو خطه الذي هو خط رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) وامير المؤمنين(ع) يزداد في كل يوم انتشارا وتالقا.. وهذه هي المجالس تعقد باسمه من اقصى الشرق الى اقصى الغرب وهذه ملايين البشر تقطع مئات الاميال من مشارق الارض ومغاربها مشيا على الاقدام متوجهة الى امام الاحرار في العشرين من صفر من كل عام وهذه الملايين تهتدي الى سبيل الحق ببركته.. وبذلك تحقق وعد الله تعالى للامام الحسين(ع) بالانتصار، وما يدل على هذا النصر الموعود ما نقلته الاحاديث الشريفة عن رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) فيما ذكرته عقيلة الهاشميين زينب الكبرى(ع) للامام السجاد(ع): (وينصبون لهذا الطف علما لقبر ابيك سيد الشهداء، لا يدرس اثره، ولا يعفو رسمه على كرور الليالي والايام، وليجتهدن ائمة الكفر واشياع الضلالة في محوه وتطميسه، فلا يزداد اثره الا ظهورا، وامره الا علوا فبعد مضي اكثر من ثلاثة عشر قرنا من الزمان على مآساة الطف والتي تعد بدون منازع اكبر ثورة من اجل قيام الحق في التاريخ وانبلها واكثرها تاثيرا على البشرية بمختلف عروقها ودياناتها وطوائفها لما تحمله من مبادئ وقيم واهداف لم تقدمه اي ثورة في التاريخ، تلك الثورة المباركة الشريفة فقد اخذت بعدا شموليا ومدى عالميا ليصبح قائد ثورة الطف اماما للاحرار في مشارق الارض ومغاربها وما افرزته تلك المواجهة الكبرى من تدعيم اسس الحرية والتحرر ورفض العبودية في كل مكان وزمان.. وهذا ما نراه واضحا بشهادة جملة من العلماء والمفكرين في العالم، حيث قال كاريل الايطالي: (ما زال للمسلمين قرآنا يتلى وكعبة تقصد وحسينا يذكر لن تتمكنوا منهم ابدا) نعم (وحسينا يذكروا الى الابد ).