اكتشاف قصيدة منقوشة على نصب جواد سليم

 

شعر : خلدون جاويد

 

  يا أيها النصب

 

سقط الظلامُ وفي عُلاك تنير ُ

وستسقط الجُلى وأنتَ أمير ُ

نصبَ الحياة على جبينكَ لوحة ٌ

صَغرَ الطغاة ُ بها وأنت كبير ُ

ياساحة التحرير نصبك شامخ ٌ

ورهانُ حبك أول ٌ وأخير ُ

ياساحة التحرير كم من مهجة ٍ

تهفو اليك وفي سماك ِ تطيرُ

ياساحة التحرير نصبك كعبة ٌ

الصبح في جَنَباتِها والنورُ

نصب ُ الحياة تضوعُ منه وردة ٌ

وبه العراق مدى الحياة عطيرُ      

طوبى جواد سليم يابن حضارةٍ

جادتْ بك الدنيا وقل ّ نظيرُ

طوبى جواد لقد رفعت َ منائرا

للفن انت َ بحسنهن خبيرُ

أنت الجديرُ بنا بكل عراقة ٍ

وبك العراق اذا رضيت َ، جديرُ

مرتْ بنا الدنيا ونصبكُ واخزٌ

مادام في شعب العراق ضميرُ

مرت ليالي الموت وهو  أهلة ٌ

ومضى زمان الجوع وهو بدورُ

انت المخلّد في القلوب وكم هوى

 عن صهوة ٍ ملك ٌ وطاح وزيرُ

انت الممجدُ قلعة ٌ مرفوعة ٌ

وسواك نصبٌ ساقط ٌ وكسيرُ

من تحت ظلك كم شهيد ٍ مؤمن ٍ

في ان هامك للحياة نصيرُ

وطني بلاد الرافدين كنوزُها

 في مهدهن ، وان طغى ديجورُ

وطني الأشم الى المآثر صاعدٌ

وله دويٌ صاعقٌ وحضورُ

فلتعلم الدنيا بسومرَ كونها

مجداً لقرص الشمس منه جسورُ

وبان بابل رغم سفك فراتها

تحيا ، ويجري دمعها المهدورُ

اسد ببابل لايزال مجلجلا ً

وله بأرض الرافدين زئيرُ

ولنا بآشور ٍ ، عريقٌ اصلُها

بالارض ، مجدٌ كامنٌ وجذورُ

 ولنا بكردستان نبعٌ اشقرٌ

به من حلبجة َ انجمٌ وزهورُ 

  آمنت بالوطن المفدى انه

دار السلام ، على الخراب صبورُ

ان العراقَ حمامة ٌ عدوية ٌ

ترقى ويُهزم (جعفر ٌمنصورُ)

لا لن تنال كواسرٌ من صلبه

لا القتلُ لا التخريبُ لا التهجيرُ

تمثالهم قد طاحَ فوق قمامة ٍ

وهوى رئيسٌ مجرمٌ وحقيرُ

فالبعث قد طحن البلادَ بحقدِه

واليوم تطحنه الرحى وتدورُ

تبقى بلاد الرافدين كريمة ً

يحيا النخيلُ ويسقط التفجيرُ

 

         ********

هامش :

 

1-         قال احد الثقات بأن التاريخ يسجل للفنان العظيم جواد سليم موقفا لايُنسى ، ومفاده ان اللجنة المشرفة على اشادة النصب قد اقترحت ، اصالة عن نفسها وبتسائل ودي : هل بالامكان ذكر اشارة للزعيم عبد الكريم قاسم ؟ .. أجاب جواد سليم رافضا ً. اضاف الرجل الثقة بأنه لو كان جواد قد وافق وعرض الأمر على الزعيم عبد الكريم لرفض ! . كلاهما مدركان  بأن حركة التاريخ لايصنعها فرد بل الشعب . ولايجدر اليوم ان يُشير شاعر او فنان الى زعامة ويسبغ عليها العظمة والابهة . لقد كره شبعنا مدحيات ونفاق الشاعر المرتزق المدعو ( أبوالشمقمق ) القائل للسلطان :

 

       " الناس تحتك أقدام ٌ وأنت لهم

   رأس ٌ وهل يتساوى الرأس والقدم ُ " .

 

 لنحاول احترام الذات العراقية وتطويرها من جانبين : نقد السلطة البناء وليس التهليل الكاذب لها . وثانيا التصدي لمن يترزق ويحتقر ذاته أمام المجتمع الجديد العلني في وفرة الاتصالات من حيث الكلمة المسموعة والمرئية ، وان العراقيين اليوم شديدو الحساسية من مداحي الأمس وشحاذي الرؤساء . وهل سنحتاج كثيرا في الحفاظ على كرامتنا ؟ أم يجب أن نتصدى بوسائل ملموسة للممدوح اذا وافق على التملق والمادح اذا استسهل التسلق .

نمدح الشعب ونثني على نبله وأصالته ، نكتب عن شهدائه العظماء وسجنائه ، عن المنفيين ، عن المعذبين في العراق وفي الأرض ، ذلك هو الفن  والأدب والفكر الخالد ودون ذلك محض أوراق خريف يابسة  يأخذها الهواء الى براميل القمامة .

2- مابين عام وآخر ، يجري ترميم وتنظيف النصب من قبل بعض العمال . وقد وجدت القصيدة هذه محفورة على آجرة مرمر طويلة ومثبتة بصامولات ضخمة وهي مخبأة في تجويف السقف العالي . كيف حدث ذلك تلك قصة طويلة حدثت في مساء يوم 8/12 /2003 ... سيأتي الوقت المناسب للتحدث بها وبأسماء وشخوص الحدث  .