الجواهري في ذكراه

                     خلدون جاويد

حبيبي على ذكراكَ ماجفّ ناظري
ومالبست
غيرَ السواد  مشاعري
حدادا على أطياف دنيا خبرتها
سرابا  تلاشى
عن  بديدٍ   وعابر ِ
فلم تكُ الاّ الشمس آلهة الضيا
وما كان ربَّ الشعر
الاّ الجواهري
وكفنتُ أفراحي وأغرقت مبسمي
بأحزان   قديسٍ
وآهات  شاعر
ورحت أدق الكأس في عتمة الدجى
بكأسك
والامس القتيل بحاضري
وابكي وحيدا في تكاياك مبعدا
بمنفى المنافي
دمعُ عيني ُمسامري
حنينٌ  رصافيٌ   تلبّس  أضلعي
احلقُ  في اللآمنتهى
وهو  آسري
فأنت سماواتي  التي  انتمي  لها
نوارسَ ،
حتى خلتُ  انك فاطري
حبتك  كنوزُ المجد  اغلى خواتم
وصانك  فردوسٌ
بأبهى  الاساور
تلامعتَ رغم الأنتكاسات نجمة
بأسمى مكان ٍ
في الكواكب ساحر
وصرتَ لروح الشعب
شمسا دفيئة
تضيئ   له   دربا  ( عليّ )   المآثر
برغم رماح   الكارهين  نصرته
عراقا
برغم  الغدر ، رغم الخناجر
عهدتَ به ان يبلغ الفجر والندى
ويرقى بقرص الشمس
فوق المجازر
ابا كل طيبٍ في الفراتين نافح
بطلع ٍ
عثوقيِّ البواسق عاطر ِ
لقد عبرت غيماتنا  دون  مزنة
كما  تملأ  الاشباحُ
خيمة ساهر ِ
ثمانون  عاما
ثرة  في كفاحها
جثت في سجون وارتمت في مقابر
ولم  يزل  المنفى
يراكم صمته
ركام  بغايا  في   مواخير   فاجر
يخط لنا الأوهام
والنحس قائدٌ
تكشّف   عن  ذئبٍ  ببزة   تاجر
اذا عشق  الدنيا  فليس  بعاشق
وان  ثار  في ( الجُلّى )
فليس بثائر
أكاذيب عصر  انجبته  وفكرة
خرافية
ديست   بأقذر    حافر ِ
وشعبي رمادٌ في رحاها مبددٌ
هشيمُ  عظامٍ
في  كسيرِ  خواطر
وان اخا الحرب الذي نبتلى به
سليلُ    بذاآتٍ
نغيلُ    عواهر
وان امتدادات  المآسي هتيكة
لقد  ( انجبتنا )
عاقرا  اثر  عاقر
وان جياعا  في  الحصار  تعلقوا
بموتٍ
وقد  عاشوا  بقدرة  قادر
وان وغى تدعى ( بأم معارك )
حري  بان   تدعى
بام  الخسائر ِ
وان بلادا رأسها الشمس اصبحت
تطأطئ في ليل الأسى
دون آخِر
بلادك مثل القدس مولدها التقى
ولكنها   تحيا
بأحضان   كافر
بلادك  سجن العاشقين  ظميئة
لسحق   اسيرٍ
او  لقتل  مهاجر
بلادك مفتاح  الى  القبر  كلما
يحن   لعطرِ  الأُمِ
قلبُ   المسافر
عراقك منفى حاضري وحضارتي
ومشنقتي
في الغربتين   وطائري
تمنيته   يسطيع   كسر   سلاسل
بابهى   عزيف
من  رنين القياثر
تمنيته   يقوى
على  ردم  حفرة
ليبني    عليها    قمة    للمفاخر
تمنيته   للسلم   يجنح
للسنا
لحب   البرايا    للوفا  ، للمآثر
وان يصطفي ظل  النبي   بحسنه
وان   يستقيها  من (علي)
و (باقر)
وان  يتملى في    جبين يسوعه
هلالا  شمولي   المحبة    ناصري
وان  يجتبي   رغم  التباين مجلسا
يصان  ويحيا
باختلاف  المنابر
بروح ( شراهينٍ ) ونبض( صوارمٍ )
وكل  فم   للكادحين   مناصر ٍ
بأمجاد   آشور   وعشتار   رفعة
ونيران  نوروز
وعُرْبِ المفاخر
( فأوجع ماتلقى النفوس نكاية)
(  معزة   افراد
بذل   أكاثر )
ثمانون   عاما راح ينعى نجومها
الى  ثورة  العشرين
( بوم) البشائر!
ولم يتقدم  من   نضيج ورودها
سوى الشوك  وخازا
بكف وناظر
ولم يقتعد عرش الفراتين شاعر
حكيم
ولكن   بات نهب   التآمر
لقد حكمتنا   شلة   بعد  شلة
كما  ساد  فينا
ماكر  وابن  ماكر
وان  عراقا   في   ظلامٍ مكفنا
جدير
بأطواق   النجوم  الزواهر
أهالوا  عليه  من يتامى حروبه
دموعا
ومن رعب أراجيف  ساحر ِ
فشب مع الأرهاب
والموت صدره
طعين    بجرح   ناغر  جد   ناغر
كأن حسينا
شُك  بالرمح  رأسه
وحُزت   يداه  بالسيوف   البواتر
كأن   علياً    ذاق   ليلة  جرحه
عدا الطعنة النجلاء
غدرة   غادر
اعيذك  ياشيخ   الشيوخ من البلا
ومن  زيف اوراق
بكف   المقامر
ومن قاتل مستنفر  عاشق   الدما
ومصاصها
من  عرقها   والحناجر
ومن وطن  دون  الاساطيل   نبعه
ومن  دجلة
ضاعت بليل المخافر
ومن نهج  ثورات  تبعثر   شملها
وخيبة   اقلام
وصفر   محاضر
وكوفية ، قد عشعش  السم  تحتها
افاعي دجى
لدّاغةً  في الضمائر
فألف  عميل  تحت   جبة  زاهد
ومليون  جاسوس
بهيأة  تاجر
وان عبيد المال
لموا   صفوفهم
وداسوا على الشلو الكسيح المحاصر
وعُدّ  انتصارا   ان  نباد  ولحمنا
ولائم   نهديها
نيوب الكواسر
بكل (اقتدار)
قد تهاوت  مسلة
حدادا على حظ مدى العمر عاثر
وطاحت ثكالانا على النار أكبدا
وأفئدة  هانت
على كل ساجر
وخذ مثلا قدس الضحايا دماؤهم
شواطئ   انهار
ومرج  ازاهر
ومازال كالتمثال في البرد ساهما
ومن دون تأنيب
ضميرُ العساكر
وتكتب كردستانُ
اعتى قصيدة
بأسمى   الدما  من  ادمع ومحابر
ورانت على  صنعاء  ثورة جائعٍ
ودوّت على السودان
غضبة  ثائر
وان   الكنانيَّ   الأشم    لشاهدٌ
على الفقر في
عصر اكتناز الجواهر
وانغام سوريّا على ثغر بلبل
واشواقه
في  جمع  شمل الحرائر
ومازالت الأرض الجحيم زلازلاً
مخبأةً   تردي
بأعتى    الأباطر
أُحيلك ياشيخ الشيوخ الى الأسى
جبالا
أُقاسي  هدمها  بأظافري
واعنى  بشعر  كالرشاء   يقودني
لحتفي
والا ّ لست ادعى بشاعر
اناجيك  يارب  القوافي بدمعة
تواصلني
والموت  يقطع دابري
فعندي من الأسقام في الروح( جعفر )
أخٌ لا تراه  العين
يسكن ناظري !
وتحنانُ خنساءٍ
مشوقٌ لصخرها
بدمعٍ   هتونٍ  حارقِ  الخد ماطر
لعشرين عاما
طاف رفرافُ وجهه
عليَّ  بشوقٍ  ظالم  الوهج  جائر
بمغتربٍ  يقوى  على كسر  هامتي
ومجتلدٍ
يعنى بكسران   خاطري
واسبى ( بستّارٍ )
وتبلى (بجعفرٍ)
وما الفرق فيما نكتوي من جرائر ؟
فهذا  فقيد
لا جسور   لأرضه
وذاك  شهيد  تحت ليل القناطر
وبي غجرٌ  عشقا تموت
ورحّلٌ
بهم من وفاء البدو ، حزن العشائر
تجاورنا الأحزان
يمحلنا الضوى
ويحزمنا   جذرا   عراق   التصاهر
عراق  عريس  الكون
والماء   بيته
عليه  من  الأقمار  سبع  ضفائر
على  ان   ناموس  الحياة
وكنهها
عسير  على  اضدادها  والضرائر
عراقك  اوهت  معصميه
سلاسلٌ
والقته  في مهوى أحط   الحظائر
وكان   شمعدانا
لمستقبل  الدنى
واصبح  غولا   ضالعا   بالتناحر
وها انت تزجي الصمت لغزا
وحيرة
وذو  جنفٍ عن  دروشات  مباخر
فما كنت ترضى
ان تفضض لوحة
وتحنو   لتطريها  كأرخص  ناثر
فتمحضها مسخا
من الفكر آملا
وتمنحها لونا من الكذب شاعري
وكنت   عراقيا
بغير    تيامن
حبيب  البرايا  دون  أي  تياسر
وصعبا على الارضاء
فظا مشازرا
رقيقا    حميميا    وغير   مساير
شملت الدنى عطفا ولطفا  وروعة
بعطر   اناشيد ٍ
وسحر  خواطر
وأحللت في ( نبل القراع )
مبادئا
تدق   بسيف  الفجر  ليل  المغاور
رفيقا  لأحنافٍ
نصير  َ مشاعةٍ
وفيا    لأحرارٍ
مجير   حرائر
وان كان قد أوهى صمودك ساغبٌ
( وابتَ بقلب شارد اللب حائر )
وقد قذفوا ذكراك
بالشوك والحصى
ليومِ    بلاطٍ  او  مديح أكابر
اسائل من حاموا على (مجدليةٍ )
بغير خطايا
من ترى او صغائر ؟
سيكفيك  مجدا  ان  تاريخ  امة ٍ
شموع   بكفَّي  سندبادٍ  مغامر
ومائة   عام  من  نضال
نفحته
خرائدَ  من  قلب رؤومٍ  مؤازر
وداعا  ابى  اسنى فراتٍ ودجلةٍ
حفيد  حمورابي
نسيل  المفاخر
وداعا  ابا  الأفذاذ  ان  فداحتي
بصبري وسلواني
وفقديَ شاعري
وجدران سجن الروح ضاقت بزهقة
فياسجن قيّدني
ويا روح غادري
حببتك  لا  عن  الفة  او  قرابة
وصنتك  لا  عن  رفقة
او تصاهر
ولكن  منيفا  كنت توباذَ   رفعةٍ
عسيرا  على  صقر
ونسر وطائر
وفيك  خصال   جمة  غير  انّ  لي
بواحدة    منها    سبيلٌ    لعابر
بأن صباح  الشعب
لابد    سافرٌ
وان كان  موصودا رهينَ مخاطر
واصفاد سجنٍ سوف تغدو بساعة
( مفاتيح ) فجرٍ
للتحرر زاهر
ويرفع قرصَ الشمس جنحا حمامة
ويغدو  لها  برجاً
هلال المنائر
طريقك   ياشعبي   رمادٌ    وتحته
اذا عصفت ريح كنوز جواهر .